S'abonner
Se connecter
logo du site ledesk

Connectez-vous

ou

Abonnez-vous !
60 DH

1 mois
Découvrir les offres
العربية

تحقيققضية بريد المغرب: قتلة مأجورون ومحتالون وراء السطو على كرونوبوست (1/2)

17.11.2024 à 20 H 09 • Mis à jour le 22.11.2024 à 10 H 47
Par Soufiane Sbiti
شكّل المشروع المشترك بين بريد المغرب والبريد الفرنسي مسرحًا لقضية غامضة، تضمنت الابتزاز، محاولات اغتيال وتهديدات بالاعتداء من طرف شبكة إجرامية، هدفها كان اختلاس عشرات الملايين من الدراهم من "كرونوبوست"، معظمها نقدًا، قبل أن يلوذ عناصرها بالفرار، أو أوشكوا على ذلك. في هذا الجزء الأول نكشف عن خبايا ملف أشبه بأفلام التشويق الهوليودية..

بدأ كل شيء في غشت 2019، مع ثقب في إطار سيارة. فبمجرد أن غادر محمد الكردودي، الذي كان حينها مديرا إداريا وماليا لـ "EMS Chronopost"، وهو مشروع مشترك بين بريد المغرب والبريد الفرنسي، لمنزله، اكتشف الرجل الذي كان يدير الشؤون المالية للشركة الدولية المتخصصة في البريد السريع بين يناير 2019 وفبراير 2020، أن إحدى إطارات سيارته مثقوب. وبينما تظاهر أحد المارة بمساعدته، سلبه رجل ثانٍ ممتلكاته بالعنف، بما في ذلك حاسوبه المحمول.


ابتداء من هذا التاريخ، فتحت أبواب جهنم على الإطار المالي لـ "كرونوبوست"، حسب ما تبينه مصادرنا. رزح الكردودي وزملاؤه في المكتب كما في مقر الشركة العمومية الموجود في الدار البيضاء تحت وطأة أسابيع من الاعتداءات والتهديدات بالاغتيال، لتنكشفت في النهاية خبايا أكبر فضيحة عاشها بريد المغرب على الإطلاق : شركة تابعة له اتخذ منها رهينة وتعرضت للسرقة من طرف شبكة إجرامية مكونة من قتلة مأجورين ومحتالين متسلسلين، منهم من أدانه القضاء بعقوبات تصل إلى 15 عاما، ومنهم من مازال هاربا من العدالة، ومنهم من لم تطله متابعة.


قتلة مأجورون عند أبواب "كرونوبوست"

بعد أسابيع قليلة من السطو على حاسوبه الخاص، بدأ الكردودي يتلقى مكالمات هاتفية تهديدية، وطُلب منه تحويل مبلغ مالي يزيد عن 400 ألف درهم مقابل التوصل بشحنة مزعومة من الكوكايين. لم يفهم الرجل ما يحدث، معتقدا أن الأمر يتعلق بخدعة أو أن المتصلين يقصدون شخصا آخر؛ وسط شعور الحيرة الذي حصاره، لم يجد حلا سوى التوجه إلى الشرطة وتقديم شكاية.


التهديدات لم تتوقف، بل ازدادت حدتها، ففي دجنبر 2019، تمت محاصرته ومهاجمته في الشارع من قبل مجهولين مسلحين بالسكاكين، وانتهى الأمر بإصابة الكردودي بـ 15 غرزة في وجهه. تم تقديم شكاية ثانية، وهذه المرة لدى النيابة العامة.


اضطر الكردودي إلى التقليل من تحركاته، وتغيير مكان إقامته، حيث لجأ إلى أحد أفراد عائلته؛ لكن سيارة بيضاء من نوع "دوكر" لم تتوقف عن ملاحقته في كل مكان.


في يناير 2020، طرق أحد الجيران بابه. الأمر يتعلق بطرد غامض موجه إليه. تم إبلاغ الشرطة التي كانت على علم بمجريات الأحداث على الفور، ليجري إرسال الفرق العلمية التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني. كان الاكتشاف موحشا : كفن موضوع بعناية في أسفل صندوق، مع كل تقتضيه الجنازة. لا يمكن أن تكون الرسالة سوى تهديدا صريحا بالموت.


لم يقلل الكردودي من تحركاته فحسب، بل توارى عن الأنظار خشية على حياته؛ لم يكن أحد يعرف مكانه، غير أن مهاجميه واصلوا البحث عنه، دون جدوى، ليوجهوا أنظارهم نحو المقر الرئيسي لـ "كرونوبوست"، فأغرقوا مركز النداء الخاص بها بمكالمات التهديد، وضايقوا المستخدمين على هواتفهم الشخصية، مطالبين إياهم بالكشف عن مكان تواجد المدير الإداري والمالي، وإلا ستقتل عائلاتهم، بل وذكروا لهم أسماء أحبتهم المستهدفين بتهديداتهم. اجتاح الذعر الشركة.


كانت مسألة وقت قبل أن يأتي الدور على المدير العام لـ "كرونوبوست" في المغرب، ليجد نفسه مستهدفا من رجال العصابة، فقد تعرض عبد الرحيم الإدريسي أيضا للتهديد المتكرر، ويقول مصدر مطلع على القضية : "لقد كانوا يطاردونه"؛ وبلغ بهم الأمر أن اعتدوا عليه جسديا؛ ففي أحد الأيام، وبينما كان يقود سيارته، رشقه رجل بكرة حديدية؛ إلا أن الإدريسي الذي كانت سيارته مجهزة بكاميرا، لاحق المعتدي، وتمكن من التعرف على السيارة التي لاذ فيها بالفرار.


مكنت تفاصيل الهجوم العنيف عناصر الشرطة من اعتقال ثلاثة أشخاص، داخل "استوديو" يقع في شارع واشنطن، غير بعيد عن مقر "كرونوبوست" بالدار البيضاء، دون القبض حتى الآن على العنصر الرابع، المعتدي. وقد اتخذت العصابة الإجرامية من هذا المكان "وكرا" لمراقبة تحركات مستخدمي وأطر "كرونوبوست". وتحكي مصادرنا : ”استأجروا الشقة لتعقبهم“.


في نهاية المطاف، اعترف الأفراد الثلاثة المتورطين في الهجوم، ويقف على رأس عصابة القتلة المأجورين شخص يُدعى كمال عطرشي، وهو المسؤول عن تنسيق المهمة الموكلة إليهم : اغتيال المدير العام والمدير الإداري والمالي.


مكنت المداهمة التي نفذتها الشرطة من مصادرة عنصر حاسم في التحقيق : الهاتف النقال الخاص بكمال عطرشي. وقد أشار المحضر الذي أعدته الشرطة في ذلك الوقت إلى ضرورة إجراء المزيد من الفحوصات على الجهاز، للكشف عن معلومات إضافية حول دوافع الشبكة، غير أنه في ذلك الحين لم يجري القيام بذلك.


يشرح مصدرنا : "الصورة التي تشكلت عندنا هي أن الأمر يتعلق بقضية خاصة بالمدير الإداري والمالي السابق. اعتقدنا أنه كان عنده مشكل مع شخص ما يسعى إلى الانتقام. وقد أُخبر بأن مشاكله تؤثر على الشركة فاستقال. حدث الطلاق بشكل ودي، لم يكن لدينا أية فكرة بأن الأسوأ لم يبدأ بعد".


عقب ذلك مباشرة، سيجري تعيين مسؤول المحاسبة السابق، عبد الإله كيكي مكان محمد الكردودي، ليتولى بذلك منصب المدير الإداري والمالي بالنيابة.


حتى هنا، كل شيء يبدو على ما يرام. لكن وراء ذلك، كان هناك ملعوب يحاك، ستكشف عنه الأيام لاحقا.


عملية سطو متقنة

الأحداث الآن تجري في أكتوبر 2021. إذا كان من الشائع نوعا ما أن يحدث ذلك في شركة خاصة، إلا أنه مثير للاستغراب أن يقع في شركة تابعة لشركة عمومية : مورّدون يشتكون إلى المدير العام من عدم سداد فواتير. اتصل أحدهم بعبد الرحيم الإدريسي وشرح له عبر الهاتف أن جميع فواتيره لعام 2021 لم يتم تسديدها، أي ما مجموعه 300 ألف درهم، وبعد بضعة أيام، ظهر متصل ثانٍ، يشتكي من المشكلة ذاتها، ويتعلق الأمر هذه المرة بمبلغ 700 ألف درهم.


طلب المدير العام من المدير الإداري والمالي بالنيابة توضيحات على الفور، إلا أن عبد الإله كيكي كذب عليه، إذ أخبره بأن كل شيء قد تم سداده، وبعث له لقطة شاشة تظهر المبلغ المخصوم من حسابات المقاولة.


قرر عبد الرحيم الإدريسي أن يذهب أبعد من ذلك، وطلب من البنك أن يزوده بكشوفات الحسابات البنكية، وهو أمر نادرا ما فعله، إذ كان يركز بدلاً من ذلك على الإشراف على الاستراتيجية المطلوبة لـ "كرونوبوست" وتنفيذها، تاركاً التسويات المصرفية والإجراءات المماثلة لفريق كامل مخصص لهذا الغرض.


عند الرجوع إلى كشوف الحسابات، لم يكن هناك أي أثر للمعاملة المصرفية التي كان المدير المالي قد قدم لقطة شاشة لها. قام المدير العام بإجراء مراجعة أولية لحسابات الشركة، ليكتشف مبالغ كانت تُدفع بانتظام نقدًا إلى أحد فروع بنك أفريقيا وإلى ثلاثة مستخدمين في "كرونوبوست" : المدير المالي الجديد، عبد الإله كيكي، والخازن، محمد لكحل، عامل التوصيل، خالد الرمزي.


في الثامن نونبر 2021، طلب المدير العام من البنك تزويده بسجل لهذه المعاملات، بما فيها تلك التي اشترك في التوقيع عليها مع مدير الشبكة و خدمة الزبناء في "كرونوبوست"، فتحي دومار.


يذكر مصدر داخلي كان حاضراً في ذلك الوقت إن ”الجميع مندهش ومصدوم. فقد كلف بريد المغرب مفتشية من أجل التدقيق في الحسابات. تم الاشتباه في سرقة ما مجموعه 55 مليون درهم عن طريق عمليات الوضع تحت التصرف والتحويلات البنكية"، وهي معلومات حصلنا عليها من مصادر مختلفة، وأكدها التقرير الرسمي للمفتشية المكلفة من طرف بريد المغرب.


اطلع "لوديسك"، على تقرير من 20 صفحة جرى إعداده بطلب من المدير العام لبريد المغرب بشأن العمليات.


النتائج كانت ساطعة : ”لم يتم اكتشاف الاحتيال إلا بعد زيادة شكايات الموردين. وقد كشف الفحص الأولي لكشوف الحسابات المصرفية لـ 'البنك المغربي للتجارة الخارجية' - BMCE - عن أن تحويلات نقدية قد دُفعت لعبد الإله كيكي ومحمد لكحل وعامل التوصيل خالد الرمزي"، كما تبين أيضا أن "مهام المحاسب والمدير الإداري المالي التي كان يشغلها بالإنابة عبد الإله كيكي في وقت واحد منذ فبراير 2020 ساهمت إلى حد كبير في خلق ظروف مواتية لتضخيم عمليات الاحتيال والاختلاس المرتكبة"، ويخلص التقرير أيضا إلى "غياب الرقابة في 'EMS Chronopost International Maroc'".


النتائج كانت ساطعة : ”لم يتم اكتشاف الاحتيال إلا بعد زيادة شكايات الموردين. وقد كشف الفحص الأولي لكشوف الحسابات المصرفية لـ 'البنك المغربي للتجارة الخارجية' - BMCE - عن أن تحويلات نقدية قد دُفعت لعبد الإله كيكي ومحمد لكحل وعامل التوصيل خالد الرمزي"، كما تبين أيضا أن "مهام المحاسب والمدير الإداري المالي التي كان يشغلها بالإنابة عبد الإله كيكي في وقت واحد منذ فبراير 2020 ساهمت إلى حد كبير في خلق ظروف مواتية لتضخيم عمليات الاحتيال والاختلاس المرتكبة"، ويخلص التقرير أيضا إلى "غياب الرقابة في 'EMS Chronopost International Maroc'".


خرجت ملايين الدراهم من "كرونوبوست" بنمط واحد : وضع تحت التصرف وتحويلات مالية إلى شركتي "Erramzy Poly Services" و "EPR Maroc" حسب ما يبينه تقرير التفتيش الخاص ببريد المغرب، وقد تبين أن الشركتان المذكورتان تعودان إلى خالد الرزمي، الذي يصفه التقرير بـ "عامل التوصيل".


وفي التاسع من نونبر، طلب المدير العام من محامي "كرونوبوست" اتخاذ الإجراءات اللازمة، فتم تقديم شكاية لدى الوكيل العام للملك، وجرى إبلاغ الشركة الأم "بريد المغرب"، بالإضافة إلى مجلس إدارة "كرونوبوست".


تبعا لذلك، أحال الوكيل العام للملك القضية على وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء عين السبع، وفي وقت لاحقا، صدرت تعليمات إلى الشرطة القضائية بالدار البيضاء. وبينما كان المشتكون يطالبون باعتقال الثلاثي، تقرر بدلاً من ذلك استدعاؤهم قصد الاستماع إليهم.


في هذه الأثناء، وقع وضع تحت التصرف آخر، في حدود 190 ألف درهم.


وجهت الشرطة القضائية استدعاءات للمعنيين إلى مقر شركة المراسلات الدولية، وبعد أن علم الثلاثي بما يحدث، غادر عبد الإله كيكي التراب الوطني على عجل، ويعيش حاليا في إسبانيا حسب مصادرنا، بينما لاذ محمد لكحل وخالد الرمزي بالفرار.


كل شيء كان مزيفًا باستثناء الأموال المسروقة

أمام هذا الوضع، تطرح العديد من الأسئلة نفسها : كيف تمكن المحتالون من اختلاس هذا القدر من الأموال من خلال عمليات الوضع تحت التصرف العادية لصالح أنفسهم، أو عبر تحويلات موجهة إلى شركات صورية، دون لفت الإنتباه؟


وفق المعلومات المتوفرة لدينا، تمت الأمور بهذا الشكل : حدث تكليف شخصين بالتسويات البنكية داخل الشركة، وهما المدير الإداري والمالي والخازن، اللذان استفادا من عمليات الوضع تحت التصرف وتحويلات أخرى، وتابعت مصادرنا أنهما "قاما بتزوير المعطيات التي تم تقديمها للمدير العام، وكذا لمراقب الحسابات".


كان على البنك في الوقت نفسه أن يدقق في المستندات المزورة المقدمة لمراقب الحسابات، ووفق مصادرنا، فقد شابت هذه العملية العديد من النواقص إن لم تكن تراخيا، والتي يفسرها تأخر البنك في التحرك. ودفع هذا التأخر بمراقب الحسابات إلى اللجوء إلى المدير الإداري والمالي والخازن، بشكل متكرر، مطالبا إياهما بتصحيح الأمور. "لقد كانت كشوفات الحسابات البنكية بكل بساطة مزورة، وفي بعض الأحيان، كانوا يغيرون أسماء الأشخاص الذين يتلقون الأموال أو ببساطة يقللون من قيمة المبالغ حتى لا تلفت الأنظار"، يوضح مصدرنا. وضع مقلق، نظرا إلى أن مراقب الحسابات واحد من الـ "الأربعة الكبار" في ميدان المراقبة والمحاسبة، وهو شركة "برايس ووترهاوس كوبرز" (PwC)، ولا يمكن في هذا السياق أن تكون الخلاصة سوى أن "'برايس ووترهاوس كوبرز' أهملت هذه العملية".


سمح ذلك للمدير الإداري والمالي وللخازن بالكذب بانتظام بشأن الوضعية الحقيقية، بل والتلاعب بصور البريد الموجه إلى البنك، والتي جرى تحويلها إلى "PwC". وبحسب بريد المغرب، فقد تم اختلاس ما لا يقل عن 20 مليون درهم مغربي بين عامي 2017 و2021.


في تفاصيل هذه المبالغ : ذهبت 6.5 مليون درهم إلى عبد الإله كيكي، و7.5 مليون درهم لمحمد لكحل، و5.9 مليون درهم لخالد الرمزي. وستقفز التحويلات غير المستحقة التي توصل بها الرمزي من 4000 درهم و3800 درهم سنتي 2017 و2018 إلى 4,2 مليون درهم في 2020 و1,5 مليون درهم سنة 2021.


لسد الثغرة في الحسابات، توصل الثلاثي إلى حل : تزوير طلبات القروض وزيادة السحب على المكشوف من البنوك، باسم "كرونوبوست". وهكذا، تم منح قرض بقيمة 5 ملايين درهم لـ "كرونوبوست" من "بنك أفريقيا"، في حين جرت زيادة السحب على المكشوف من 3 ملايين درهم إلى 5 ملايين درهم من "التجاري وفا بنك".


علاوة على ذلك، خلص مفتشي بريد المغرب إلى استنتاج مهم آخر : ما لا يقل عن 121 عملية وضع تحت التصرف تتضمن توقيع المدير العام، عبد الرحيم الإدريسي، ومدير الشبكة و خدمة الزبناء، فتحي دومار. و14 عملية أخرى وقعها الإدريسي بشكل مشترك مع المدير التجاري عبد الحق واهيبي.


وفيما يتعلق بصحة هذه التوقيعات، جاء في تقرير بريد المغرب ما يلي : "إن القيام بالعديد من عمليات الوضع تحت التصرف أثناء الإجازة الإدارية للمسؤولين المعنيين، وغياب الأختام الإسمية للمديرين، وسهولة استنساخ توقيعات المسؤولين المعنيين، تجعل من المحتمل جدًا أن تكون توقيعاتهما مزورة"، وتشير الوثيقة ذاتها إلى أنه "على الرغم من هذا الاحتمال، فإن كون هذه المستندات قد قُدمت على ورق عادي وبدون الأختام الإسمية لا يستبعد إمكانية تحريرها حتى خارج مقر المقاولة".


هل تمت التضحية ببعض المسؤولين في سبيل طي الملف؟

ستؤدي الإجراء المتخذة من جانب "كرونوبوست" بالمغرب وكذلك البريد الفرنسي من خلال شركته الفرعية "جيوبوست"، إلى فتح تحقيق قضائي سيحال لاحقاً على قاضي التحقيق.


في غضون ذلك، عبد الرحيم الإدريسي الذي أكد بأنه يحظى بثقة المساهمين، سيغادر منصبه، وسوف يتم استدعاؤه من قبل الشرطة القضائية ووضعه رهن الاحتجاز. وبحضور المحققين، أنكر الإدريسي أي تورط له في هذه القضية، كما هو مبين في المصادر التي اطلع عليها "لوديسك"، وقال : ”لدي مراقب حسابات صادَق على الحسابات السنوية دون تحفظ"، وزاد مصرّا : "إنه آخر مستويات المراقبة". إنه المستوى الذي فشل.


سيحدث تطور نوعي آخر في الأحداث بعد أن ألقت الشرطة القضائية في الدار البيضاء القبض على خالد الرمزي، الذي أخبر المحققين أن رئيس الشبكة لم يكن سوى المدير العام، وهو الدليل الذي كان كافيا لمحاكمة عبد الرحيم الإدريسي، وبالتالي وضعه رهن الاعتقال الاحتياطي في انتظار المحاكمة.


وقاد حاجج دفاع الإدريسي بأن خالد رمزي "ضاع وسط التفاصيل، وتناقضت الأقوال التي أدلى بها أمام الشرطة القضائية وقاضي التحقيق والمحكمة"، لكن دون جدوى.


قدم الدفاع طلبا لمتابعة موكله في حالة سراح، كما حاول دحض تهمة الاختلاس، مشيرا إلى أن التوقيعات على وثائق الوضع تحت التصرف كانت مزورة؛ أما بالنسبة لتقرير الشرطة، فيقول بأن "بعض خصائص التوقيعين متطابقة"، دون تأكيد ما إذا كانت اليد نفسها هي التي خطّت التوقيعات.


دفاعا عن الإدريسي، قدمت العديد من التقارير المتناقضة في محاولة لدحض الدليل الرئيسي، بالإضافة إلى التصريحات البعيدة الاحتمال التي أدلى بها خالد الرمزي. حتى أنه تم استدعاء شركة فرنسية معروفة لتقييم خط اليد، لكن دون جدوى.


هكذا، سيبقي قاضي التحقيق على المدير العام رهن الاعتقال الاحتياطي إلى حين محاكمته، والتي استمرت لسنتين حتى صدور الحكم الابتدائي : أدين عبد الرحيم الإدريسي بتهمة ”الإهمال الجسيم“، وكذلك مدير الشبكة و خدمة الزبناء، بموجب أحكام المادة 242 من القانون الجنائي، وحكم عليهما بسنة سجنا نافذا وغرامة مالية قدرها 40 ألف درهم لكل منهما، في حين أن كلاهما قضيا عامين خلف القضبان.


حُكم على خالد الرزمي بالسجن لمدة 12 عامًا وغرامة مالية قدرها 100 ألف درهم. أما "كرونوبوست" و"جيوبوست" اللتين نصبتا نفسيهما كطرف مدني، فتطالبان المتهمين بمبلغ ضخم قدره 55 مليون درهم.


بعد ذلك، فوجئ عبد الرحيم الإدريسي وفتحي دومار اللذان أدينا في أبريل 2024، بإدانة أخرى، غيابيًا، قبل شهرين، بتهمة "غسل الأموال المتحصل عليها بطرق غير مشروعة"، وهي في هذه الحالة الاختلاس المزعوم. وهو موقف متناقض، بالنظر إلى أن الثنائي لم تتم إدانتهما بتبديد المال العام. ويبدو أن نص الحكم الذي نتوفر على نسخة منه، والمؤرخ في فبراير 2024، قد تناسى ذلك، حيث ذكر أن المسؤولين في "كرونوبوست" قد أدينا بالاختلاس.


المتابعة القضائية بتهمة تبييض الأموال ليست نادرة في هذا النوع من القضايا، كما كان الحال في قضية كريم الزاز التي كشف "لوديسك" تفاصيلها، ولكن في هذا الملف، كان التسلسل الزمني متماسكًا، فقد جاءت المتابعة القضائية بتهمة غسيل الأموال التي تم الحصول عليها بطريقة غير مشروعة بعد الإدانة بجريمة مرتبطة بالمكاسب. وهو ما لا يتطابق مع الحالة التي أمام الآن.


بعد إطلاق سراحهما في أبريل 2024، يحاول الثنائي الإدريسي ودومار، الذين صودرت أملاكهما، استرجاع حقوقهما وإعادة بناء حياتهما؛ وقد تم استئناف الحكم بمبادرة من جميع الأطراف، لاسيما "كرونوبوست" بالمغرب و"جيوبوست" الفرنسية.


بالرغم من إطلاق سراحهما، إلا أن المسؤولين في كرونوبوست مازال يواجهان شبح عقوبة جديدة، وحتى صدور القرار، مازال الترقب سيد الموقف. وفي جانب مرتبط، لجآ إلى "المؤسسات في الرباط"، حسب تعبير مقربين منهم، وهو ما سيؤتي ثماره في آخر المطاف. فبعد إحالة الأمر على المجلس الأعلى للسلطة القضائية، سينجح المدير العام السابق في دفع الفرقة الوطنية للشرطة القضائية إلى التحرك، بالرغم من أن كل شيء يشير إلى أنها هي التي كان يفترض أن تتولى الملف منذ البداية.


يتلخص الطلب الرئيسي للضحايا الذين باتوا متهمين، في دمج القضيتين في قضية واحدة، لأنه وفقا للأدلة التي سيتم تقديمها لاحقا، والتي اطلع عليها "لوديسك"، فإن القتلة المأجورين السالفي الذكر كانوا يتصرفون جنبا إلى جنب مع المحتالين المتسلسلين، وهناك دليل حاسم يؤكد جدارة الدمج بين القضيتين : محتويات الهاتف المحمول الخاص بكمال عطرشي، الذي ضبطته الشرطة في عام 2020، التي تمكّنا من الاطلاع عليها، تؤكد الصلة بين القتلة المأجورين وباقي المتورطين.


كان لا بد من التخلص من المدير الإداري والمالي السابق، سواء بدفعه إلى الاستقالة أو القضاء عليه حتى لا يكتشف أحد الأمر. وهكذا كان على أتباع عطرشي القيام بالعمل القذر، وبمجرد الانتهاء من ذلك، لم يتبقى سوء حلب صندوق النقود والحصول على 55 مليون درهم نقدا.


كيف ستنجز الفرقة الوطنية للشرطة القضائية التحقيق؟ وأين ذهب هذا القدر من المال؟ تلك تفاصيل نكشفها في الجزء الثاني من هذا التحقيق…


رابط لقراءة الجزء الثاني من تحقيقنا :

قضية بريد المغرب : بحثًا عن المحتالين والأموال القذرة (2/2)


للإطلاع على القصة كاملة باللغة الفرنسية :

Affaire Barid Al-Maghrib : tueurs à gages et fraudeurs derrière le casse de Chronopost (1/2)


Affaire Barid Al-Maghrib : à la recherche des truands et de l'argent sale (2/2)


Affaire Barid Al-Maghrib : la négligence coupable de PwC dans le contrôle de Chronopost


Affaire Barid Al-Maghrib : les millions de Chronopost sortis en cash de Bank Of Africa


Affaire Barid Al-Maghrib : l’ex-DG de Chronopost témoigne de son calvaire

©️ Copyright Pulse Media. Tous droits réservés.
Reproduction et diffusions interdites (photocopies, intranet, web, messageries, newsletters, outils de veille) sans autorisation écrite.

Par @soufianesbiti