كأس أمم إفريقياكيف دبر وليد الركراكي إقصاء « أسود الأطلس »
لم يتردد الركراكي في القول، خلال الندوة ذاتها، "أنا من يتحمل المسؤولية" و"اليوم كان فشل المدرب وليس اللاعبين" "ولن أختبئ"، إضافة إلى عبارات أخرى رددها أكثر من مرة وهو يحاول الإجابة عن أسئلة الصحافيين، رغم أنه حاول أن يخفي توتره.
دخل الناخب الوطني المغربي ومعه "أسود الأطلس"، المنافسة في 17 يناير بمواجهة منتخب تنزانيا، وهم يحملون صفة منتخب بلغ نصف نهائي كأس العالم، خلال دورة قطر 2022، في أول إنجاز يحققه منتخب إفريقي. وقد كان هذا الإنجاز كافيا ليدخل اللاعبين المغاربة من بوابة المنتخبات الأكثر حظا للتتويج باللقب الإقريقي، وحتى اكتساح تنزانيا بثلاثة أهداف لصفر في المواجهة الأولى عن المجموعة السادسة، أعطى إشارة إيجابية عن هذا المنتخب، المسلطة عليه الأضواء من كل جانب. في المباراة الثانية، سرعان ما انقلبت الأمور رأسا على عقب، بعد أن تسرب الشك إلى النفوس، إثر التعادل الشاق والمرهق، الذي خرج به "أسود الأطلس" أمام كونغو الديمقراطية (1-1)، في مباراة برمجت ظهرا تحت درجة حرارة مرتفعة جدا ونسبة رطوبة فاقت 80 في المائة.
ليس الشك وحده من أخذ مكان اليقين داخل منتخب أبهر، قبل حوالي سنة، بما قدم من كرة جيدة وتلاحم لافت وعزيمة قوية أمام منتخبات قوية جاءت لقطر لتنافس على لقب كأس العالم فإذا بها تخرج صاغرة أمام اللاعبين المغاربة. فالتعادل أمام كونغو الديمقراطية بعثر حسابات المجموعة، وأجل تأهل المغاربة إلى المباراة الثالثة، إضافة إلى الحسابات المتعلقة بإنهاء الدور الأول في صدارة المجموعة، دون الحديث عما تسبب فيه خلاف بين الركراكي واللاعب الكونغولي مبيمبا، بعد نهاية المباراة من تطورات وسجال إعلامي، انتهى بإيقاف الناخب الوطني وغيابه عن مواجهة زامبيا، بعد أن قررت اللجنة التأديبية للكنفدرالية الإفريقية "كاف" إيقافه لأربع مباريات، اثنتان منها موقوفة التنفيذ، قبل أن تلغى العقوبة في الاستئناف.
ورغم أن تعادل منتخب موزمبيق في آخر مباراة عن المجموعة الثانية، مكن المنتخب الوطني المغربي من ضمان تاهله قبل مواجهة زامبيا في الجولة الثالثة والأخيرة، فإن الفوز في هذه المباراة بهدف لصفر من قدم حكيم زياش حقق المراد بعد أن جمع المغرب سبع نقاط وأنهى مجموعته السادسة متصدرا.
حرص الركراكي على بعث إشارات الاطمئنان كلما واجهه أحد الصحافيين بسؤال حول المردود غير المقنع للاعبيه، وعن الذكريات السيئة، تاريخيا، مع جنوب إفريقيا في كأس الأمم، أو كلما ذكره أحد بأنه هو مجموعته انهزموا في شهر يونيو الماضي أمام المنتخب نفسه في بريتوريا، بهدفين لواحد، في تصفيات النسخة الحالية لكأس أمم إفريقيا.
ارتفع الضغط كثيرا على المدرب المغربي ولاعبيه، قبل أيام قليلة على مواجهة جنوب إفريقيا، خاصة بعد إعلان نهاية البطولة بالنسبة إلى سفيان بوفال، أحد لاعبيه الرسميين المفضلين، بسبب إصابة عضلية في التداريب، قبل أن ينضاف إليه لاعب أساسي آخر ألا وهو حكيم زياش، بسبب الإصابة أيضا.
ما حمله سيناريو مباراة "بافانا بافانا"، من خلال مجرياتها، جاء ليؤكد كل التخوفات المعبر عنها وهناك. لقد ظهر اللاعبون المغاربة بصورة باهتة، عكستها الدقائق 90 للمواجهة، التي أنهت طموح تحقيق لقب طال انتظار، وأسقطت هيبة منتخب كان مهاب الجانب في المونديال.
قبل حوالي شهر، وأثناء تقديمه لائحة اللاعبين المشاركين في كأس أمم إفريقيا، استمات الركراكي في الدفاع عن اختياراته، وحاول أن يقنع بأن 27 لاعبا الذين وضع أسماءهم في اللائحة النهائية، هم الأفضل والأكثر جاهزية، وإن كانت تساؤلات تطرح حول الجدوى من توجيه الدعوة للاعب نصير مزراوي، المصاب والمفتقد للمنافسة، والمعلن مسبقا أنه لن يستطيع المشاركة في الدور الأول. التساؤلات نفسها طرحت حو حالة سفيان بوفال العائد من الإصابة وقلة المنافسة، كما أن عزالدين أوناحي وسليم أملاح، إحدى الأوراق الرابحة للركراكي في وسط الميدان، قدما إلى كأس أمم إفريقيا برصيد ضعيف من التنافسية، وبإصابات غيبتهما عن الميادين لفترة طويلة. ولم تنته التساؤلات عند هذا الحد، فخلال الأربع مباريات التي خاضها المغاربة في البطولة، بدا دور اللاعبين الاحتياطيين غائبا في منح الإضافة إلى باقي زملائهم.
وضع الاصطدام بواقع المنافسة في نهائيات كأس أمم إفريقيا، الركراكي، أمام حقائق كان يعيب عليه منتقدوها، أنه يريد التغاضي عنها، فقط لأنه يريد الانتصار لأفكاره، ويثبت لمن يسجلون ملاحظات عليه، بأنه يعي ما يفعل، وبأن الشرعية التي منحتها إياه المشاركة الناجحة في كأس العالم، لم يعد يحتاج معاها إلى نصائح أو مناقشة أفكار، وقد بدا ذلك واضحا في الندوات الصحافية التي كان يرد فيها على أسئلة الصحافيين بلهجة حادة، أو بتوجيهه انتقادات إليهم.
بين ما تحقق في كأس العالم من إنجاز، وما عاشه المنتخب نفسه من خيبة في دورة كوت ديفوار، يعيد إلى واجهة النقاش الطريقة التي دبر بها الركراكي مرحلة من عمر المنتخب الوطني المغربي، كرست مرة أخرى عقدة الدور الثاني في بطولة يطارد المغرب لقبها منذ أزيد من 47 سنة.
©️ Copyright Pulse Media. Tous droits réservés.
Reproduction et diffusions interdites (photocopies, intranet, web, messageries, newsletters, outils de veille) sans autorisation écrite.